ها نحن قد ودعنا رمضان الكريم. نسأل الله أن يكون قد تقبل صيامنا فيه، واستجاب لدعواتنا، وأثابنا عليه أحسن أجر. وكل عام وأنتم وأمة الإسلام بخير وبركة.
وأطل علينا عيد الفطر ببهجته وأفراحه، فلنحتفل بقدومه كما يأمرنا ديننا الحنيف.
وفي خضم أفراح العيد واحتفالاته، نجد بعض الناس يقعون ضحية سوء تصرفاتهم، خصوصاً فيما يتعلق بمأكلهم ومشربهم، فيسمحوا لأنفسهم أن ينهلوا من كل ما لذ وطاب ليل نهار، وكأنهم يريدون أن يعوضوا -وبسرعة- كل ما فاتهم من طعام وشراب خلال شهر رمضان، دون رعاية لأبسط قواعد التغذية الصحية ومبادئها، كما يركنون للكسل والسهر، والتقاعس عن الرياضة البدنية، فينتهي الأمر بهم إلى الوعكة والمرض، وزيادة الوزن، وقد يحتاجون لدخول المستشفى.
إن أهم مبدأ في الوقاية من اضطرابات عيد الفطر الصحية، هو التدرج في تغيير عادات الطعام والنوم والحركة التي يفرضها الصيام، والعودة إلى نسق الحياة الصحي بكثير من الدراية والروية.
ونورد فيما يلي ما نعتبره أهم التوصيات لدرء اضطرابات العيد الصحية عن أنفسنا:
1- اعتمد -قدر استطاعتك- الوجبات الصغيرة المتعددة، بدل الولائم الضخمة.
أهم مبدأ في الوقاية من اضطرابات عيد الفطر الصحية، هو التدرج في تغيير عادات الطعام والنوم والحركة
ففي هذه المرحلة الانتقالية، يكون جهازك الهضمي أقل تحملاً لكميات الطعام الكبيرة التي تؤكل دفعة واحدة، وأقدر على معالجة الوجبات الصغيرة التي يفصل إحداها عن الأخرى 3-4 ساعات، ولعل أهم وجبة من هذه الوجبات هي الفطور الصباحي، لأنه يعينك على عدم الإفراط في الطعام بقية اليوم.
نحن نعلم أن هذا المطلب عسير بوجود الحفلات والدعوات التي تكثر في الأعياد، لكنه مطلب ضروري إذا أردت أن تقي نفسك عقابيل التخمة، من فرط الحموضة (الجزر أو الارتداد المعدي - المريئي)، إلى نفخة وأوجاع البطن، إلى اضطرابات البراز.
وقد وجد بعض الأطباء أن فرط الطعام يؤدي كذلك لاضطرابات هامة في الغدد الصم.
ومن الحيل التي يمكنك اتباعها إذا دعيت إلى وليمة زاخرة بكل أصناف المأكل، ألا تقف إلى جانب طاولة الوليمة، تتناول من كل ما استهواك منظره، بل أن تجول بنظرك إلى ما هو معروض من طعام، ثم تنتخب عدداً قليلاً من الأطعمة، وتجلس إلى طاولة صغيرة لتستمتع بتناولها ببطء مع بعض الأصحاب.
2- تجنب الدهون ما أمكنك
وللسبب نفسه، اختر السمك والدجاج بدل لحم البقر والضأن، وانزع الشحوم عن شرائح اللحم التي تتناولها، وانتخب المشوي بدل المقلي من الطعام، وانتق الزيوت النباتية بدلاً من الحيوانية، ورجح الحليب قليل الدسم ومشتقاته على الحليب كامل الدسم.
3- أكثر من شرب الماء
بما لا يقل عن ثمانية أكواب يومياً، فهذا، إضافة لفائدته في الوقاية من التجفاف في حر الصيف، من شأنه أن يجنبك الإفراط في تناول المأكولات المغرية والمتوفرة في كل مكان أيام العيد.
4- حدد من تناولك السكريات المركبة
خاصة إن كانت ممزوجة بالدهون، وعوض عنها بسكريات الفواكه البسيطة وبعض العسل، كذلك قلل من النشويات المكررة، وانتخب منتوجات القمح الكامل (مع قشره)، والرز الأسمر أو البرغل.
5- أكثر من الخضار والفواكه والمكسرات
وذلك لسهولة هضمها، ولشغلها حيزاً هاماً من المعدة يدرأ عنك الإحساس بالجوع، ولاحتوائها أكثر ما يلزمك من فيتامينات ومعادن ومضادات أكسدة. حاول أن تجعل الخضار والفواكه تعادل نصف ما تأكل من طعام.
6- خفف من تناولك الملح
وعوض عنه بالبهارات (مثل إكليل الجبل والزعتر والفلفل والتشيلي) التي ثبت غناها بمضادات الأكسدة، وبعصير الليمون.
7- عد إلى برنامجك الحركي والرياضي بالتدريج، فبعد شهر من تخفيف نوع ومدة التمارين الرياضية الذي اقتضاه الصيام، من غير المناسب لعضلاتنا وجهازنا المناعي أن نطبق برنامجاً قاسياً من التمارين.
ويفضل أن نبدأ بالرياضات المنشطة للقلب cardio (مثل المشي، والسباحة، وركوب الدراجة)، ثم نضيف إليها ألعاب القوى (مثل حمل الأثقال وتشغيل أجهزة المقاومة في صالات الرياضة) في مرحلة لاحقة، كما يفضل أن نبدأ بالمشي، وبحمل أثقال خفيفة، قبل انتقالنا للركض وحمل الأثقال الكبيرة.
8- إذا كنت مصاباً بمرض مزمن (كدرجة خفيفة من داء السكري أو ارتفاع الضغط ) وصمت رمضان، فاحرص على مراجعة طبيبك بعد العيد مباشرة، للتأكد من عدم التضرر من الصيام، ومتابعة لزومات مرضك.
ف.س/م.ف